الاكتئاب

محتوى المقالة

كل الأشخاص يمكن أن يشعروا بالحزن أو الكآبة أو الضيق خلال فترات معينة. هذه المشاعر عادةً تكون مؤقتة وتختفي من تلقاء نفسها بعد فترة قصيرة. أما عند الاكتئاب، فتستمر المشاعر لفترة طويلة. تختلف درجة الصعوبات التي تصاحب الاكتئاب من شخص لآخر.

يمكن تقسيم الاكتئاب إلى ثلاث فئات: خفيف، متوسط أو شديد. بناءً على شدة الاكتئاب، يمكن أن تتأثر حياتك اليومية بدرجات مختلفة.

  • في حالات الاكتئاب الخفيف، يمكن أن تجد أنه من الممكن أن تذهب إلى العمل، تهتم بالمنزل أو النظافة الشخصية، ولكنك تشعر بنقص مستمر في الطاقة والرغبة في الحياة.
  • في حالات الاكتئاب الشديد، قد يبدو من المستحيل الاهتمام بالأمور الضرورية وتتأثر حياتك بشكل كبير.

ما يشترك فيه جميع أنواع الاكتئاب هو أنها تثير الشعور باللاجدوى أو الفراغ، وأن الاهتمام بالعالم من حولك يتناقص. كما أنه شائع أن تصاب بصورة سلبية عن نفسك. إذا كنت تتعرف على هذه الأعراض واستمرت لمدة أسبوعين على الأقل، فقد تكون علامة على أنك تعاني من اكتئاب.

الاكتئاب شائع جدًا، ومن المهم أن تتذكر أن هذا لا يعني أن هناك شيئًا خاطئًا فيك كشخص. اطلب المساعدة في أقرب وقت ممكن لتتمكن من الحصول على مساعدة لتحسين حالتك.

الاكتئاب الرئيسي

هناك أشكال مختلفة من الاكتئاب، والأكثر شيوعًا يُعرف بالاكتئاب الرئيسي. يتم تقسيمه إلى ثلاث درجات من الشدة لوصف مدى تأثير المرض على الحياة اليومية:

  • اكتئاب خفيف: الحياة اليومية، مثل المدرسة أو العمل والأعمال اليومية تسير، لكن الحياة تبدو ثقيلة وتشعر بالسوء.
  • اكتئاب متوسط: يصبح من الصعب التعامل مع الحياة اليومية والعمل أو الدراسة، ويكون الأمر واضحًا للمحيطين بأنك في حالة سيئة جدًا.
  • اكتئاب شديد: تتأثر حياتك بالكامل ويبدو التعامل مع الحياة اليومية أمرًا مستحيلًا. قد تجد صعوبة في رعاية احتياجاتك الأساسية مثل الأكل والشرب والنوم. يلاحظ المحيطون بوضوح أنك لا تستطيع التعامل مع حياتك اليومية. يمكن أن يلاحظ كل من أنت ومن حولك تغيّر في شخصيتك.

الشخص المكتئب قد يعاني من أفكار انتحارية أو خطط للانتحار. إذا كانت لديك أفكار حول إيذاء نفسك أو إنهاء حياتك، يجب الاتصال بالطوارئ

الاكتئاب المتكرر

الاكتئاب المتكرر يُسمى الاكتئاب المتكرر. يزداد الاكتئاب عمقًا ويستمر لفترة أطول وتصبح الحوادث متقاربة كلما تكررت. يمكن أن تتضمن المرض اضطرابات معرفية، مثل صعوبة التركيز ومشاكل الذاكرة، وكذلك صعوبات في اتخاذ القرارات والتخطيط والبدء في الأنشطة. تكون فرصة الإصابة باكتئاب متكرر أكبر إذا لم تتلقى العلاج لفترة طويلة. لذلك من المهم أن تبدأ العلاج في أقرب وقت ممكن.

اكتئاب ما بعد الولادة

بعد الولادة أو خلال فترة الحمل، من الشائع أن تصاب بالاكتئاب. إذا لم تختف الأعراض، يتحول الاكتئاب إلى اكتئاب ما بعد الولادة أو اكتئاب بعد الولادة. لا يصيب الاكتئاب بالضرورة من حمل فقط، بل يمكن أن يصيب الوالد الآخر أو حتى الوالدين بالتبني. تشمل الأعراض الشائعة لاكتئاب ما بعد الولادة:

  • الانسحاب من العائلة والأصدقاء
  • صعوبة في الاستمتاع بالمولود
  • صعوبة في رعاية الطفل
  • الشعور بالذنب
  • الشعور بالذعر أو القلق
  • فقدان الاهتمام بالأشياء التي كنت تستمتع بها سابقًا

هناك أيضًا حالة تُعرف بـ”البلوز النفاسي”، وتشبه اكتئاب ما بعد الولادة. قد تتضمن تقلبات مزاجية وبكاء سهل، وتختفي من تلقاء نفسها خلال أسبوعين. هذا طبيعي وغير ضار، وليس هو نفسه اكتئاب ما بعد الولادة.

إذا كنت تشعر بالسوء بعد أن أصبحت والدًا حديثًا، فمن المهم أن تتواصل مع القابلة أو الطبيب أو أي شخص في مركز رعاية الطفل حتى تحصل على مساعدة في العلاج. إذا كنت قد عانيت من اكتئاب ما بعد الولادة في السابق وتنتظر طفلًا جديدًا، فمن الأفضل طلب المساعدة حتى قبل الولادة.

الاكتئاب الموسمي

بعض الأشخاص تظهر لديهم أعراض الاكتئاب في نفس الوقت من كل عام، مثل في فصل معين من الفصول، كفصل الربيع أو الخريف أو الشتاء. بالنسبة للكثيرين، تظهر الأعراض عندما يقصر اليوم ويزداد الظلام، بينما يجد البعض أن الربيع والصيف هما الفصول الصعبة. تتلاشى الأعراض في نفس الوقت من كل عام أيضًا. يجب عليك البحث عن المساعدة عند ملاحظة ظهور الأعراض المرتبطة بالاكتئاب الموسمي.

الأعراض النفسية والجسدية للاكتئاب

الاكتئاب يمكن أن يظهر بأعراض نفسية وجسدية، وعادة ما تكون الأعراض مزيجًا من الاثنين. إذا كنت تعاني من الاكتئاب، قد تتعرف على بعض هذه الأعراض:

الأعراض النفسية:

  • نقص أو فقدان الاهتمام بالأشياء التي تحبها عادة
  • الحزن أو الشعور بالفراغ واليأس
  • البكاء بسهولة
  • الأفكار التشاؤمية
  • التعب والإرهاق
  • انخفاض الثقة بالنفس و/أو صورة ذاتية سلبية
  • الشعور بالذنب المبالغ فيه واتهام نفسك
  • القلق والاضطراب
  • صعوبة في اتخاذ القرارات أو المبادرة للقيام بالأنشطة
  • صعوبة في التركيز أو تذكر الأمور
  • الغضب والاستثارة من أمور كنت تتجاهلها سابقًا
  • أفكار عن الموت أو الرغبة في التوقف عن الوجود
  • إيذاء النفس وأفكار انتحارية

الأعراض الجسدية:

  • فقدان الشهية أو زيادتها، مما قد يؤدي إلى فقدان أو زيادة الوزن
  • مشاكل في الجهاز الهضمي مثل الإمساك
  • نقص أو فقدان الرغبة الجنسية
  • اضطرابات في النوم، مثل صعوبة النوم أو النوم المفرط
  • صداع
  • آلام في الكتفين، الرقبة، أو الظهر

لا يلزم أن تظهر جميع هذه الأعراض لتكون مصابًا بالاكتئاب. الأعراض يمكن أن تكون أكثر أو أقل وضوحًا. البعض قد يشعر بالكآبة الكبيرة والبعض الآخر قد يشعر بأعراض أكثر غموضًا، مثل الشعور باللامبالاة. لكي يتم تشخيص الاكتئاب، يجب أن تستمر الأعراض لمعظم اليوم على مدار أسبوعين على الأقل. بغض النظر عن شدة الأعراض، من المهم طلب المساعدة لتحسين حالتك.

الاكتئاب لدى الأطفال

الاكتئاب لدى الأطفال والمراهقين يشمل نفس الأعراض لدى البالغين، وهي الكآبة الطويلة. قد يكون من الصعب على البالغين تحديد الأعراض عند الأطفال والمراهقين. الحياة بطبيعتها مليئة بالصعود والهبوط، لكن إذا استمرت الكآبة أو الحزن لفترة طويلة، فهذا يعتبر مؤشرًا واضحًا على أن الطفل أو المراهق قد يعاني من الاكتئاب. أيضًا، اللامبالاة وفقدان الاهتمام بالأشياء التي كان الطفل يحبها تعتبر علامات على الاكتئاب. يمكن أن تحدث الاكتئاب لدى الأطفال الصغار، لكنها غير شائعة.

الأعراض لدى الأطفال الأصغر سنًا:

  • فقدان الشهية وفقدان الوزن
  • القلق
  • التعلق الشديد
  • الحزن
  • الغضب والانفجارات العصبية
  • آلام في الجسم
  • الرفض للذهاب إلى المدرسة
  • مشاكل في النوم

الأعراض لدى المراهقين:

  • تدني الثقة بالنفس أو الصورة الذاتية السلبية
  • الشعور بأنهم غير مفهومين
  • صعوبة في التركيز، مما يجعل من الصعب النجاح في المدرسة
  • الكآبة أو الحزن
  • فقدان الطاقة
  • مشاكل في النوم، إما القليل أو الكثير من النوم
  • تعاطي المخدرات أو الكحول
  • فقدان أو زيادة الشهية
  • الغضب
  • إيذاء النفس و/أو أفكار عن الموت

أسباب الاكتئاب

يمكن أن يحدث الاكتئاب في أي مرحلة من مراحل الحياة، ولكنه غالبًا ما يظهر في فترة المراهقة أو لدى البالغين الصغار. حوالي نصف الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب قد يتعرضون له مرة أخرى. هناك عدة أسباب للاكتئاب، وفي معظم الحالات هناك تفسير لسبب سوء الحالة، مثل أحداث صعبة أو تغييرات في الحياة. في بعض الأحيان، قد يأتي الاكتئاب دون أي سبب واضح، ويمكن أن يكون ذلك بسبب عوامل وراثية أو اكتئاب موسمي أو قلق غير معالج.

عوامل الخطر للاكتئاب

  • الأحداث الصادمة و/أو المجهدة في الحياة
  • تغييرات كبيرة في الحياة
  • طفولة صعبة أو ظروف نمو غير ملائمة
  • أمراض نفسية أخرى، مثل اضطرابات الأكل، مشاكل النوم، القلق، أو الاكتئاب الثنائي القطب
  • الاضطرابات النمائية العصبية مثل ADHD أو التوحد
  • التعاطي (الكحول أو المخدرات)
  • اكتئاب سابق
  • الوراثة (التاريخ العائلي مع الأمراض النفسية)
  • مشاكل جسدية مثل قلة النوم أو التغيرات الهرمونية
  • بعض الأدوية، مثل أدوية القلب، الأدوية المهدئة، أو أدوية النوم
  • الأمراض الجسدية مثل السكري، أمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان
  • الألم المزمن

تشخيص وعلاج الاكتئاب

يتم تشخيص الاكتئاب من خلال المقابلات وأحيانًا باستخدام استبيانات خاصة. لا يوجد فحص مختبري يمكنه تحديد الاكتئاب. يتم تشخيص الحالة بناءً على تجاربك ومشاعرك التي يتم التحدث عنها خلال المقابلة بينك وبين الأخصائي، وأحيانًا من خلال استبيانات تقوم بملئها. الأخصائي يمكن أن يكون طبيبًا، أخصائي اجتماعي، ممرضًا أو طبيبًا نفسيًا.

يمكن أن تُطرح عليك أسئلة حول:

  • كم مرة تشعر بالاكتئاب أو الحزن ومدة استمرار هذا الشعور
  • حالتك النوم
  • شهيتك
  • عاداتك فيما يتعلق بالكحول
  • أفكارك حول الحياة والموت

للاستبعاد من الأمراض الجسدية التي قد تسبب أعراض مشابهة للاكتئاب، يمكن أخذ عينات دم وإجراء فحص جسدي إذا لزم الأمر خلال التشخيص. قد تكون أعراض الاكتئاب ناتجة عن مستويات غير متوازنة لهرمونات الغدة الدرقية، أو نقص الحديد، أو مستويات عالية من الكالسيوم في الدم.

علاج الاكتئاب

بعد تشخيص الاكتئاب، يبدأ العلاج بهدف تحسين جودة حياتك ومساعدتك على الشعور بشكل أفضل. العلاج المبكر يقلل من خطر الغرق أكثر في الاكتئاب ويمنع احتمال تكرار الإصابة به. غالبًا ما يشمل العلاج العلاج النفسي، مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، والذي يمكن دمجه أحيانًا مع الأدوية المضادة للاكتئاب. يمكنك مناقشة نوع العلاج الذي يناسبك مع الأخصائي. خلال العلاج، من الجيد أن تحاول الحفاظ على نمط حياة صحي وروتين يومي بقدر ما تستطيع.

أشكال علاج الاكتئاب:

  • النصائح والدعم لخلق نمط حياة صحي.
  • العلاج النفسي: مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أو العلاج الديناميكي النفسي.
  • الأدوية: مثل مضادات الاكتئاب.
  • العلاج بالصدمات الكهربائية (ECT): يُستخدم في الحالات الشديدة جدًا.

قد تستغرق الأدوية المضادة للاكتئاب بعض الأسابيع حتى تبدأ في تحقيق تأثيرها، وقد تسبب آثارًا جانبية في البداية مما قد يجعلك تشعر بأن الأدوية ليست فعالة. من المهم الاستمرار في تناول الدواء وعدم التوقف عنه مبكرًا. يجب مناقشة أي آثار جانبية مزعجة مع الطبيب واتباع تعليمات الطبيب حول العلاج الدوائي بدقة.

في حالات الاكتئاب الشديد، حيث يكون هناك خطر الانتحار أو إذا توقفت عن الأكل والنوم، قد يتم علاجك في عيادة نفسية في البداية. ذلك لتقديم علاج أكثر كثافة لتمكينك من الشعور بالتحسن بأسرع وقت ممكن.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *