التأمل في المعنى الحقيقي للمجيء: استعادة روح العيد في زمن تتآكل فيه المعاني
- نشر بواسطة دكتور مازن نوئيل
- التصنيفات التأملات
- التاريخ 8 ديسمبر، 2024
محتوى المقالة
في زمننا الحالي، يبدو أن العالم يعيد تشكيل اللغة والمفاهيم بما يخدم أنماط العيش السطحية والابتعاد عن العمق الروحي. أصبحنا نعيش في عصر يتضاءل فيه المعنى الحقيقي للأحداث الروحية العظيمة، ويُستبدل هذا المعنى بأشكال احتفالية خالية من الجوهر. مثال بسيط لكنه ذو دلالة عميقة هو عندما تُرسل زميله تهنئة بموسم المجيء الأول (Advent)، لكنها تشير فقط إلى معنى الكلمة اللغوي: “القدوم” أو “الانتظار”، دون أي ذكر للحقيقة المحورية وهي مجيء المسيح.
التحريف المعنوي وفقدان البوصلة الروحية
ما نشهده اليوم ليس مجرد تغييب للمعاني، بل هو تحريفٌ متعمد يقود إلى خلط المفاهيم وسلبها جوهرها الروحي. عيد المجيء ليس انتظارًا عشوائيًا؛ إنه دعوة للاستعداد الروحي لمجيء المسيح، سواء استذكارًا لمجيئه الأول عند ولادته، أو استشرافًا لمجيئه الثاني. هذا الزمن المقدس يحمل في طياته دعوة للتأمل، الصلاة، والتوبة،
لكن ما الذي يحدث الآن؟
نجد أن العالم ينغمس في زخارف الاحتفال: الأضواء، الطعام، العطلات، والتسوق. تُصاغ الإعلانات والرسائل الاجتماعية لتجعل من العيد مجرد “فترة راحة” أو “وقت للعائلة”، بينما يُهمل جوهره الأساسي كزمن للتطهير الروحي والعودة إلى الله.
انتظار المسيح: بين العمق الروحي والانتظار الفارغ
انتظار المسيح ليس مجرد انتظار حدثٍ عابر؛ إنه دعوة لتغيير القلب، للتحضير الداخلي، ولإعادة ترتيب الأولويات. لكن عندما يُفرغ الانتظار من معناه الروحي، يصبح “الانتظار الفارغ”، لا يختلف عن انتظار شيء مادي أو عابر. هنا يكمن التحدي: أن نبقى أوفياء للمعنى الحقيقي وسط تيار عالمي يحاول طمس هذا العمق.
المجيء، في عمقه، يتطلب منا أن نعيش كأناس يتوقون إلى شيء أعظم. إنه تذكير بأننا لسنا مجرد كائنات عابرة تعيش لأجل الاستهلاك أو الراحة، بل نحن مدعوون إلى حياة تحمل رجاءً وأبدية.
إزالة المعاني الحقيقية: وهم الاحتفالات المعاصرة
العالم اليوم يتجه نحو تسطيح كل شيء. العيد الذي كان يومًا زمنًا للقداسة والتواصل مع الله، أصبح وقتًا للعطل فقط. هذه الممارسات تعكس فلسفة عالمية تشجع الإنسان على العيش في الوهم: وهم الاكتفاء بالمادة، وهم السعادة المؤقتة، ووهم أن كل شيء يمكن استبداله بشيء آخر.
لكن الحقيقة الروحية التي لا يمكن طمسها هي أن الإنسان بطبيعته يحتاج إلى الله، إلى رجاءٍ يتجاوز المادة والزمن. وهنا تأتي أهمية استعادة المجيء كزمن يُذكرنا بأننا ننتظر المخلص، ونعد أنفسنا لهذا اللقاء العظيم.
العودة إلى الجوهر
في هذا العصر، علينا أن نكون شهودًا للحقيقة، أن نعيد التذكير بجوهر هذه المناسبات. لا يكفي أن نحتفل بالمظاهر؛ علينا أن نعيش العيد في عمقه. كيف؟
- التأمل والصلاة: تخصيص وقت يومي للتأمل في نصوص الكتاب المقدس المتعلقة بالمجيء وميلاد المسيح.
- العيش برجاء: أن نعيش برجاء المجيء الثاني للمسيح، بأن نكون شهودًا للمحبة والإيمان.
- التبشير بالمعنى الحقيقي: توجيه الأصدقاء والعائلة نحو المعنى الحقيقي للعيد من خلال الحوار والقدوة.
- التركيز على العطاء الروحي: تحويل اهتمامنا من المظاهر الخارجية إلى العطاء والمغفرة والخدمة.
الخاتمة
العالم قد يحاول طمس الحقائق وتحويل الأعياد إلى مجرد تقاليد فارغة، لكن المسؤولية تقع علينا في أن نكون حراسًا للمعاني الحقيقية. زمن المجيء هو دعوة متجددة لننظر إلى ما وراء الأضواء والهدايا، إلى النور الحقيقي الذي جاء إلى العالم ليبدد الظلام، يسوع المسيح.
محبة وسلام
د.مازن نوئيل
حجز موعد استشارة اونلاين
يمكنك من هنا حجز استشارة اونلاين مع دكتور مازن
اذا كانت الاستشارة للمرة الاولى ف يمكنكم التواصل من خلال الواتس اب للحجز والاستفسار