الحياة الروحية ومفهوم المشاعر
- نشر بواسطة دكتور مازن نوئيل
- التصنيفات المشاعر
- التاريخ 5 ديسمبر، 2024
محتوى المقالة
الحياة الروحية والإيمان المسيحي يعتبران المشاعر جزءًا هامًا من حياة الإنسان، حيث تؤكد الكتابات المقدسة على ضرورة فهم المشاعر وإدارتها بشكل يتوافق مع إرادة الله، ودعوة الله لنا لعيش حياة مليئة بالسلام والمحبة والحكمة. يرد في الكتاب المقدس الكثير من التعاليم التي تتناول المشاعر وكيفية توجيهها بشكل إيجابي، وهو يُظهر كيف يمكن للمؤمنين التفاعل مع مشاعرهم بشكل صحي ومتزن.
1. المشاعر كجزء من الطبيعة الإنسانية
في الإيمان المسيحي، تعتبر المشاعر جزءًا طبيعيًا من خلق الله للبشر، حيث يتم التعبير عن مجموعة واسعة من المشاعر في الكتاب المقدس، من الحزن إلى الفرح والغضب والمحبة. الله نفسه يُظهر مشاعر مثل الرحمة والغضب والفرح، كما نرى في عدة نصوص، مما يعزز الفكرة بأن المشاعر جزء من صورة الله فينا. المؤمنون مدعوون للقبول بأن المشاعر طبيعية، بل وجزء من خلق الله، ولكن عليهم أيضًا السعي لتنقيتها وتوجيهها وفقًا لإرادة الله.
“فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه” (تكوين 1:27)، مما يشير إلى أن جميع جوانب الإنسان، بما في ذلك المشاعر، تعتبر جزءًا من هذه الصورة.
2. دور ضبط النفس والسيطرة على المشاعر
في حين يعتبر الكتاب المقدس أن المشاعر طبيعية، إلا أنه يُشجع المؤمنين على ممارسة ضبط النفس والسيطرة على المشاعر السلبية، مثل الغضب والحقد. فبدلاً من السماح لهذه المشاعر بالسيطرة علينا، يُعلم الكتاب المقدس ضرورة توجيهها إلى الخير، ويشجع على التسامح والصفح، حتى عندما يشعر الإنسان بالظلم.
“اِغْضَبُوا وَلَا تُخْطِئُوا، لَا تَغْرُبِ الشَّمْسُ عَلَى غَيْظِكُمْ” (أفسس 4:26). تشدد هذه الآية على أنه من الطبيعي أن نغضب، ولكن يجب ألا يقودنا غضبنا إلى الخطيئة أو السيطرة علينا.
3. تشجيع الفرح والسلام كثمار الروح
يحث الكتاب المقدس المؤمنين على التركيز على مشاعر إيجابية مثل الفرح والسلام، وهما من ثمار الروح القدس التي يتحدث عنها الرسول بولس. يُعتبر الفرح سلامًا داخليًا ينبع من العلاقة مع الله وليس من الظروف الخارجية، وهو تعبير عن الثقة في الله وفي وعوده. يُدعى المؤمنون إلى السعي لتلك المشاعر والسلام الداخلي الذي يمنحهم قدرة على مواجهة التحديات اليومية بإيمان ثابت.
“وَأَمَّا ثَمَرُ ٱلرُّوحِ فَهُوَ: مَحَبَّةٌ، فَرَحٌ، سَلَامٌ، طُولُ أَنَاةٍ، لُطْفٌ، صَلَاحٌ، إِيمَانٌ” (غلاطية 5:22-23).
4. التعامل مع مشاعر الحزن والضعف
في لحظات الحزن أو الضعف، يُشجع الإيمان المسيحي على اللجوء إلى الله بالصلاة والتضرع، مع الإيمان بأن الله قريب من الحزانى والمكسوري القلوب. الكتاب المقدس لا يدعو المؤمنين لقمع مشاعرهم، بل إلى مشاركة أحزانهم مع الله، الذي يقدرها ويمنحهم الراحة والقوة. يعتبر التعبير عن المشاعر في الصلاة وسيلة للتقرب إلى الله، وتحرير النفس من الألم والقلق.
“قَرِيبٌ هُوَ ٱلرَّبُّ مِنَ ٱلْمُنْكَسِرِي ٱلْقَلْبِ، وَيُخَلِّصُ ٱلْمُنْسَحِقِي ٱلرُّوحِ” (مزمور 34:18).
5. التحذير من اتباع المشاعر كمرشد نهائي
الكتاب المقدس يشدد على ضرورة عدم السماح للمشاعر بتوجيه حياتنا بالكامل، حيث يعتبر أن المشاعر قابلة للتغير والتلاعب بها، ومن ثم ينبغي على الإنسان المسيحي أن يعتمد على كلمة الله وإرشاد الروح القدس بدلاً من الاعتماد الكلي على المشاعر. فبينما يمكن للمشاعر أن تكون جزءًا من كيفية اختبارنا للحياة، إلا أن الكتاب المقدس يُنبه إلى أن اتباع المشاعر بشكل مطلق قد يؤدي إلى القرارات غير الحكيمة أو إلى السقوط في التجربة.
“اَلْقَلْبُ أَخْدَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ، مَنْ يَعْرِفُهُ!” (إرميا 17:9). يشير هذا النص إلى أن المشاعر وحدها قد تكون مضللة، وأن الإرشاد الإلهي أهم من الاعتماد على الأحاسيس الشخصية.
6. دعوة للتعامل مع المشاعر من خلال المحبة
المحبة هي من أعلى الفضائل في الإيمان المسيحي، وهي تشكل المحور الأساسي في التعامل مع المشاعر. الكتاب المقدس يدعو المؤمنين إلى التعامل مع مشاعرهم، خاصة السلبية منها، بمحبة تجاه الآخرين وتجاه الله. فالمحبة تشمل التسامح والرفق والصبر، وهي تساعد في تهدئة الغضب وتقليل المشاعر السلبية، مما يسمح للمؤمن بعيش حياة مليئة بالسلام والنعمة.
“وَلْيَكُنْ كُلُّ شَيْءٍ تَفْعَلُونَهُ بِمَحَبَّةٍ” (1 كورنثوس 16:14).
خلاصة
يقدم الكتاب المقدس توجيهات واضحة حول التعامل مع المشاعر، حيث يدعو إلى فهمها وإدارتها بإرشاد الله، ويدعو المؤمنين إلى التحلي بفضائل مثل الصبر والمحبة والسلام، وعدم السماح للمشاعر السلبية بالسيطرة على حياتهم. ويرى الإيمان المسيحي أن المشاعر هي جزء مهم من حياة الإنسان ويجب التعامل معها بروح إيجابية، ولكن ينبغي ألا تكون المشاعر وحدها مرشدًا للحياة، بل يجب أن تكون كلمة الله هي الموجه الأساسي للمؤمن في مسيرته الروحية.
حجز موعد استشارة اونلاين
يمكنك من هنا حجز استشارة اونلاين مع دكتور مازن
اذا كانت الاستشارة للمرة الاولى ف يمكنكم التواصل من خلال الواتس اب للحجز والاستفسار