أعجوبة الإيمان الحيّ: حين يشتعل النور في قلبٍ مكسور

ما هي أعجوبة الايمان الحيّ؟ 

في لحظة ما، يتجاوز الإنسان كل حدود الاحتمال، ليس لأنه أقوى من الألم… بل لأنه أصبح مُمسَكًا بقوة أعظم.

هناك لحظات يتوقّع الجميع أن ننهار فيها، أن نُكسر، أن نصمت أو نصرخ، لكن فجأة… يخرج منّا صوت لم نكن نعرف أنه موجود. صوت الحق. صوت الإيمان. صوت الرجاء.

من أين تأتي هذه القوة الخارقة للعادة؟

من أين لهذا الكائن الضعيف، المجروح، الباكي، أن يتحوّل إلى شهادة حيّة، يواجه الموت بنور، والدمار بسلام؟

السر ليس في الإنسان… بل في ذاك الذي يسكنه.

كما قال بولس:

“لأني حينما أنا ضعيف، فحينئذ أنا قوي.” (2 كورنثوس 12:10)

لأن الضعف ليس نهاية القصة، بل بدايتها… حين يُفتح الباب لدخول النعمة، للمسيح أن يتكلّم، ويُشرق من داخل الكسر.

نفس هذا السر هو ما جعل يسوع نفسه، وهو يتألم، لا يصرخ باليأس، بل يغفر، ويصلي، ويثق بالقيامة.

“من أجل السرور الموضوع أمامه، احتمل الصليب مستهينًا بالخزي.” (عبرانيين 12:2)

حين يعرف الإنسان “لمن” يتألّم، “ولماذا” يتحمّل، يتحوّل الألم إلى قوة، لا إلى لعنة.

الفلاسفة حاولوا فهم الألم. فيكتور فرانكل، الطبيب النفسي والناجي من المحرقة، كتب:

“الإنسان قادر أن يتحمل أي شيء، إذا اكتشف له معنى.”

لكن الإيمان لا يعطي المعنى فقط، بل يعطي القوة.

ليس لأننا لا نبكي، بل لأن دموعنا تُروى بالرجاء.

ليس لأننا لا نتألم، بل لأن ألمنا ليس عبثيًا، بل يصبح شهادة.

الحق لا يحتاج دائمًا إلى كلمات كثيرة… أحيانًا، يكفي أن يخرج من قلب محطم، لكنه ما زال ينبض بالمسيح.

هذه هي أعجوبة الإيمان الحيّ:

أن يكون الإنسان في عمق الألم… ويشعّ نورًا.

أن يكون في حضن الفقد… ويشهد عن الرجاء.

أن يلمح ظل القيامة… وسط العتمة.

في هذه اللحظة، لا يعود الإنسان يتكلّم عن المسيح فقط…

بل يتحوّل هو نفسه إلى إنجيل حيّ.

سلام ومحبة

د. مازن نوئيل


التعليقات (
0)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Select the fields to be shown. Others will be hidden. Drag and drop to rearrange the order.
  • Image
  • SKU
  • Rating
  • Price
  • Stock
  • Availability
  • Add to cart
  • Description
  • Content
  • Weight
  • Dimensions
  • Additional information
Click outside to hide the comparison bar
Compare
Back to top