هل تملك المعرفة… أم تحملها كسيف؟
تخيّل إنسانًا يحمل بيده إناءً من العسل، لكن يصبّه على الآخرين من كوب ساخن…
هل يتذوّق الناس حلاوة العسل؟
أم يصرخون من ألم الحديد؟
المعرفة، تمامًا كالعسل…
لكن طريقة تقديمها، هي التي تحدد إن كانت شفاءً أم أذى.
قال الفيلسوف سقراط:
“الفهم الحقيقي ليس أن تُظهر ما تعرف، بل أن تساعد الآخر ليفهم، دون أن يشعر بأنه جاهل.”
الناس لا يتعلّمون من الصوت المرتفع،
ولا من المقارنات،
ولا من نظرات الاحتقار…
بل من الأسلوب الذي يحترم بطء خطواتهم،
الذي يرى في جهلهم فرصة لبناء جسر، لا سجن.
في الكتاب المقدّس، يقول الرب يسوع:
“لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنْ مُعَلِّمِهِ، بَلْ كُلُّ مَنْ صَارَ كَامِلًا يَكُونُ مِثْلَ مُعَلِّمِهِ” (لوقا 6:40).
ليس المطلوب أن يكون الآخر مثلنا… بل أن نساعده ليكون “هو”، لكن أفضل.
أن نزرع لا أن نُثبت أننا نملك البذرة.
أن نُلهِم، لا أن نُلقّن.
قال العالم النفسي كارل روجرز:
“أعمق علاقة تعليمية هي حين لا أُعلمك، بل أخلق معك مناخًا يجعل المعرفة تولد داخلك.”
فقبل أن “تُعلّم”، تعلّم أن ترى الشخص الآخر:
ربّما أبطأ منك… لكنّه عطشان مثلك.
ربّما أقلّ معرفة… لكن قلبه مفتوح أكثر منك.
إذا لم نضع المعرفة في قالب من الرحمة، والرقي، والأسلوب،
فنحن لا نعلّم، بل نُفرغ أنفسنا في فراغ.
فلنجعل من أسلوبنا مرآة لقلوبنا، لا منصّة لأنانيتنا.
هكذا نترك أثرًا… لا مجرد كلمات.
هكذا نُبني علاقة… لا مجرد محاضرة.
هكذا نصبح معلّمين بالنعمة، لا بالسيطرة.
سلام ومحبة
د. مازن نوئيل

اترك تعليقاً