Hypocrisy in the age of social media

الرياء في عصر السوشيال ميديا

محتوى المقالة

الرياء في عصر السوشيال ميديا: رؤية إيمانية مسيحية

في عالم اليوم، حيث أصبحت السوشيال ميديا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، نجد أنفسنا أمام ظاهرة تتفاقم يومًا بعد يوم، وهي المديح العلني والمجاملات المصطنعة التي تخفي وراءها رياء وزيفًا، وحتى أحيانًا كلامًا سلبيًا يقال في الخفاء. الأمر الأكثر إيلامًا أن هذه الظاهرة لا تقتصر على العامة، بل تشمل بعضًا من رجال الدين والمؤمنين الذين يُفترض بهم أن يكونوا مثالًا للنقاء والصدق.

جوهر المشكلة: الزيف على السطح والفراغ في العمق

يُظهر البعض على وسائل التواصل الاجتماعي صورًا براقة لعلاقاتهم مع الآخرين، وكأن هذه العلاقات تعبر عن المحبة الحقيقية والروحانية العميقة. ولكن عند الغوص في الواقع، نجد أن هذه العلاقات ليست سوى مظاهر خاوية، هدفها الأساسي الحصول على الإعجاب والتقدير من الآخرين، وليس بناء روابط حقيقية مبنية على المحبة الصادقة.

الرياء في الكتاب المقدس

الكتاب المقدس يرفض الرياء بجميع أشكاله، إذ يقول الرب يسوع في عظته على الجبل:

“احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم، وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السماوات” (متى 6: 1).

ويوجه الرب كلمات صارمة إلى الكتبة والفريسيين الذين كانوا يهتمون بالظهور أمام الناس أكثر من علاقتهم مع الله، قائلاً:

“ويلٌ لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون! لأنكم تُشبهون قبورًا مُبيّضة، تظهر من خارج جميلة، وهي من داخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة” (متى 23: 27).

تحليل الظاهرة: أين الخطأ؟

  1. غياب المحبة الحقيقية:
    المحبة المسيحية ليست استعراضًا. يقول الرسول بولس:
    “المحبة تتأنى وترفق… لا تفتخر ولا تنتفخ، ولا تقبح، ولا تطلب ما لنفسها” (1 كورنثوس 13: 4-5).
    المحبة الحقيقية تُبنى على الصدق والعمق وليس على الاستعراض والتظاهر.

  2. عبادة الذات بدلًا من عبادة الله:
    كثيرون يستخدمون السوشيال ميديا كمنبر لتسليط الضوء على أنفسهم بدلاً من تمجيد الله. يحذر الكتاب المقدس من هذا السلوك قائلاً:
    “لأنهم أحبوا مجد الناس أكثر من مجد الله” (يوحنا 12: 43).

  3. غياب المساءلة الشخصية:
    الاستغراق في المجاملات المصطنعة والكلام السلبي في الخفاء يشير إلى نقص في وعي الإنسان تجاه خطاياه وتجاه مسؤوليته الروحية.

الحلول: العودة إلى الجذور الإيمانية

1. الإخلاص في النوايا والعمل

يجب أن نسأل أنفسنا: هل نعيش محبة الله فعلاً أم نبحث عن مديح الآخرين؟ يقول الرسول بولس:

“فإن كنت الآن أستعطف الناس أم الله؟ أم أطلب أن أرضي الناس؟ فلو كنت بعد أرضي الناس لم أكن عبدًا للمسيح” (غلاطية 1: 10).

2. العيش في النور والحق

الرب يسوع يدعونا إلى أن نكون صادقين في كل تعاملاتنا. يقول:

“ليكن كلامكم: نعم نعم، لا لا. وما زاد على ذلك فهو من الشرير” (متى 5: 37).

3. المصالحة مع الله ومع الآخر

إذا وجدنا أنفسنا نتحدث بالسوء عن الآخرين في الخفاء، فلنراجع قلوبنا. يجب أن نطلب الغفران من الله ونبني علاقات صادقة تقوم على الصراحة. كما يقول الكتاب:

“إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل، حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم” (1 يوحنا 1: 9).

4. التركيز على العلاقات الحقيقية

علينا أن نبني علاقاتنا على المحبة والصدق وليس على الظهور. يقول المسيح:

“بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي: إن كان لكم حبٌ بعضٌ لبعض” (يوحنا 13: 35).

 

ختامًا: دعوة للعودة إلى جوهر الإيمان

 

إن المظاهر قد تخدع، لكنها لا تدوم. الله لا ينظر إلى المديح الذي نكتبه أو نقوله أمام الآخرين، بل ينظر إلى قلوبنا. لنلتزم بأن تكون قلوبنا طاهرة وأعمالنا صادقة. لنسمح لمحبة المسيح أن تكون المحرك الأساسي في علاقاتنا، فنُظهر محبته للعالم بأمانة وصدق، لا رياءً أو تظاهرًا.

“اختبرني يا الله واعرف قلبي، امتحني واعرف أفكاري. وانظر إن كان فيَّ طريق باطل، واهدني طريقًا أبديًا” (مزمور 139: 23-24).

 

سلام ومحبة

د.مازن نوئيل

حجز موعد استشارة اونلاين

يمكنك من هنا حجز استشارة اونلاين مع دكتور مازن

اذا كانت الاستشارة للمرة الاولى ف يمكنكم التواصل من خلال الواتس اب للحجز والاستفسار

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *