من أنا؟ ( الحلقة الأولى )
مقدمة
“هذا أنا” أو “هذه طبيعتي (شخصيتي)” أو “ولدتُ هكذا” أو من يضيف ويقول “الله خلقني هكذا”.
مفاهيم اسمعها كثيراً وتطرح على الأقل في أذهاننا خاصةً عندما نكتشف أننا في منطقة معينة عاجزين عن قبول حقيقة تتطلب تغيير، فنعيش تلك المفاهيم كأنها حقيقة لا يمكن تغيرها. (سأرجع لاحقاً في هذا المقال لتلك المفاهيم مرة أخرى).
لتكن هذه المفاهيم نقطة البداية في هذه السلسلة ولكي نصل إلى مفهوم واسع و أشمل أبدأ بشرح بسيط لعلم النفس والطب النفسي.
ماهو علم النفس والطب النفسي ؟ وكيف يتعامل مع الإنسان ؟
Wilhelm Wundt (١٨٣٢-١٩٢٠)
طبيب وعالم فيزيائي وفيلسوف وأستاذ ، بسبب التجارب التي كان يجريها على الحواس وعلاقتها بالمحفزات الخارجية اشتقّ علم النفس عن الفلسفة فأصبح علماً بحد ذاته.
Sigmund Freud (١٨٥٦-١٩٣٩)
طبيب ويعتبر مؤسس علم التحليل النفسي ، كل الأبحاث والاكتشافات التي وضعها Freud كانت نتيجة مسيرة طويلة من الدراسات المتواصلة لحالات نفسية مرضية أو سوية طبيعية ما زالت تمارس حتى اليوم في العيادات من قبل المعالجين النفسيين. وبالتالي علم النفس والطب النفسي هو علم تحليلي نفساني من العلوم الإنسانية المسماة سريرية (clinic) وليست فلسفة وهي تسلط اهتمامها على دراسة كل شخص إنساني بمفرده وتحليله بعالمه السلوكي الواعي والتاريخي اللاواعي.
هذا مهم جداً، لماذا ؟
لأن طريقة دراسة وتحليل كل شخص يتمركز على ثلاث محاور،
-المحور النفسي (سلوك كل شخص إنساني بمفرده وعالمه السلوكي الواعي)
-المحور الكيميائي والبيولوجي (هل هناك أسباب كيميائية أو بيولوجيا ووراثية لسلوك الشخص الواعي واللاواعي ؟)
-المحور الاجتماعي (التاريخ الوعي و اللاوعي الشخصي منذ الولادة وقد تكون قبل الولادة إلى الحاضر ورؤيته للمستقبل وفي هذا الإطار يتضمن كل شيء من العائلة والتربية والأصدقاء والمجتمع … إلخ).
يؤكد الطب النفسي أن تلك المحاور الثلاثة مترابطة مع بعضها البعض وتؤثر على بعضها لكن علينا أن نفهم ماذا نعني بتلك المحاور وبأي طريقة توثر على شخصية الإنسان.
أعود إلى المفاهيم من جديد:
“هذا أنا” أو “هذه طبيعتي (شخصيتي)” أو “ولدت هكذا” أو من يضيف ويقول “الله خلقني هكذا”. كل هذه المفاهيم تدحض مفهوم أاثير المحاور الثلاثة وتصدق محور وتنفي محور آخر. مثلاً عندما نقول مشاعري / طبيعتي هي وراثية فهذا ينفي دور المحور النفسي والاجتماعي وتأثيرهما على طبيعتي وهذا ما ينفيه العلم.
بإختصار
لا يتعامل علم النفس والطب النفسي فقط مع المرضى لكن مع كل إنسان ،مثلاً قد أعاني من اضطرابات نفسية لكن هذا
لا يعني أنني مريض أنا فقط بحاجة إلى فهم مسبباب سلوكي. وهذا يتم من خلال تحليل السلوك الشخصي حسب المحاور الثلاثة (السلوك النفسي، البايولوجي والاجتماعي).
فسلوكي اليوم هو ناتج عن مزج بين تلك المحاور الثلاثة بكل ما يحتويه.
سلام ومحبة