الطاعة الحقيقية أم خيانة الذات؟ عندما تتحول الطاعة إلى عبودية خفية

هل يمكن أن تكون طاعتك في الحقيقة خيانة لنفسك وللمسيح؟

أحيانًا نلبس قناع “الطاعة”.

نومئ برؤوسنا، نقول “نعم”، ننفّذ ما يُطلب منّا.

لكن في الداخل، هناك خوف يلتهمنا:

خوف من رفض السلطة، من غضب الآخرين، من خسارة المكانة.

علماء النفس يسمّون هذا الطاعة المزيّفة أو compliance without internalization – أي أنك تطيع خارجيًا لكن قلبك يصرخ بالعكس. النتيجة؟ صراع داخلي يولّد قلقًا، إحباطًا، وحتى انفصالًا عن الذات. كأنك تحيا بدور الممثل، لكنك تنسى مَن أنت حقًا.

الكتاب المقدس يرفض هذه الطاعة الفارغة:

يسوع نفسه وقف أمام السلطات الدينية في عصره وقال لهم:

“يُبطلون كلمة الله بسبب تقليدكم” (متى 15:6).

هنا المسيح لم يُظهر خضوعًا أعمى، بل كشف التزييف، وعلّمنا أن الطاعة الحقيقية تبدأ من القلب، لا من الخوف.

بولس الرسول يقول: “أطيعوا… كما للمسيح” (أفسس 6:5). أي أن المقياس ليس إرضاء السلطة، بل أن يكون الفعل انعكاسًا للحق في المسيح.

ومن الناحية النفسية، الطاعة الحقيقية ترتبط بما يسمّيه كارل روجرز “التطابق الداخلي” (congruence) – أن تكون أفعالك متّسقة مع قيمك العميقة. عندما تطيع وأنت متوافق مع الحق، يختفي التوتر الداخلي، وتولد الحرية.

لكن عندما تطيع بدافع الخوف؟ أنت تعيش وهمًا نفسيًا. قد تبدو مطيعًا، لكنك في العمق تتمرّد بصمت. تشتكي مع الآخرين، تتذمّر في الخفاء، وتفقد سلامك. هذه ليست طاعة… بل عبودية مستترة.

إذن، الطاعة الحقيقية ليست أن تُسكت صوتك، بل أن تسمح للحق أن يتجسّد فيك.

ليست إذعانًا لسلطة متكبّرة، حتى لو حملت ثوب الدين، بل هي مشاركة في التحويل الذاتي حيث يظهر المسيح من خلالك.

الطاعة التي لا تحرّرك… هي ليست من المسيح.

والطاعة التي تزرع فيك شجاعة مواجهة الظلم، حتى لو كلّفتك، هي الطاعة التي تكشف الحق.

سلام ومحبة

د.. مازن نوئيل


التعليقات (
0)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Select the fields to be shown. Others will be hidden. Drag and drop to rearrange the order.
  • Image
  • SKU
  • Rating
  • Price
  • Stock
  • Availability
  • Add to cart
  • Description
  • Content
  • Weight
  • Dimensions
  • Additional information
Click outside to hide the comparison bar
Compare
Back to top