هل خطر ببالك يومًا هذا التناقض العجيب؟
نقف أحيانًا أمام صورة أو تمثال… نقترب بخشوع، نلمس، نقبّل… وكأننا بذلك لمسنا السماء.
لكن في اللحظة نفسها، قد نخرج من هذا الموقف ونمر بجانب إنسان جريح، قريب أو غريب، فلا نعطيه حتى نظرة رحمة أو قبلة محبة.
العقل البشري يميل إلى الرموز. نحن نحب أن نمسك شيئًا ملموسًا يختصر لنا الإيمان. الصورة والتمثال يقدّمان لنا وهمًا بالاقتراب، لكن أحيانًا يسرقان منا جوهر العلاقة: أن أرى الله في وجه الآخر. هنا تتحول الطقوس من جسر إلى جدار.
يسوع نفسه قال:
“كل ما فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الصغار فبي فعلتم” (متى 25:40).
أي أن التقبيل الحقيقي هو أن تلمس القلب، أن ترفع الجريح، أن تبتسم لمن انكسر.
حين تقبّل التمثال ولا تقبّل قلب من أمامك، أنت تدخل وهمًا نفسيًا مريحًا: تشعر أنك أديت واجبك الروحي. لكن داخلك يبقى بعيدًا عن التواضع الحقيقي. التواضع ليس أن تنحني أمام الحجر، بل أن تنحني أمام ألم الآخر، وتقبل ضعفه، وتتعلم أن ترى الله في عينيه.
الغريب العجيب أن هذه الرموز التي قصدها الأجداد لتقودنا نحو الله، قد تصبح اليوم حجابًا يبعدنا عنه.
السؤال الخطير إذن:
هل نقبّل الله في الحجر، أم نهرب من تقبيله في وجه الإنسان؟
سلام ومحبة
د. مازن نوئيل

اترك تعليقاً