ما هي المشاعر ؟

محتوى المقالة

ماهي المشاعر ؟

المشاعر هي ردود فعل نفسية وبدنية تجسد الطريقة التي يستجيب بها الإنسان لما يحدث في محيطه، سواء كان ذلك عن طريق التجارب الشخصية أو المواقف الخارجية. المشاعر هي إحساسات تنشأ في الجسد والعقل وتتحفز نتيجة لحدث معين، مثل الخوف عند مواجهة خطر أو السعادة عند تلقي خبر سار.

على الرغم من أن المشاعر قد تكون معقدة ومتنوعة، إلا أن هناك عدة نظريات تصنفها وتفصلها عن غيرها من العمليات النفسية. على سبيل المثال، نظرية “العاطفة الأساسية” التي طورها عالم النفس بول إيكمان، والتي تنص على أن هناك مجموعة من المشاعر الأساسية التي تعبر عن نفسها بطرق مميزة وثابتة عبر الثقافات مثل السعادة والحزن والخوف والغضب.

الفرق بين المشاعر والعاطفة

بينما تشير المشاعر إلى ردود فعل نفسية آنية ومؤقتة، فإن العاطفة تمثل حالة شعورية مستمرة وثابتة نسبياً. يمكن اعتبار العاطفة كمجموعة متكاملة من المشاعر والمعتقدات والسلوكيات التي تتراكم بمرور الوقت وتؤثر على سلوك الشخص بشكل عميق. على سبيل المثال، الحب هو عاطفة تتكون من مزيج من مشاعر متعددة، مثل السعادة، الرغبة، والحنان، وهي ليست لحظية كما هو الحال مع المشاعر، بل هي حالة تستمر وتتغير بناءً على العلاقة مع الشخص المحبوب.

في هذا الرسم البياني، نرى الفرق بين المشاعر والعاطفة من خلال خصائصهما الأساسية:

●      المشاعر (اللون الاصفر) تظهر كـ”ردود فعل آنية ومؤقتة”، حيث تكون لحظية وتحدث كرد فعل مباشر، وتختفي سريعًا.

●      العاطفة (اللون البرتقالي) تظهر كـ”حالة طويلة الأمد” و”حالة متراكمة”، وتتشكل من مجموعة من المشاعر والمعتقدات والسلوكيات التي تتراكم على مر الوقت، مما يؤدي إلى تأثير أعمق وأكثر ثباتًا.

نظرية العاطفة الأساسية لبول إيكمان Paul Ekman

طور عالم النفس الأمريكي بول إيكمان نظرية “العاطفة الأساسية” التي تقوم على فكرة أن هناك مجموعة من المشاعر الأساسية التي يتشاركها جميع البشر، بغض النظر عن ثقافاتهم أو خلفياتهم الاجتماعية. عُرِفَت هذه النظرية لأول مرة في الستينات، عندما أجرى إيكمان تجاربه على مجموعة متنوعة من الأفراد من ثقافات مختلفة، بما في ذلك ثقافات معزولة عن الاتصال بالعالم الخارجي، حيث أظهرت التجربة أن هناك تعبيرات وجهية مشتركة لمجموعة محددة من المشاعر.

تستند نظرية العاطفة الأساسية إلى الفرضية القائلة بأن المشاعر مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالبيولوجيا البشرية. فإيكمان يعتقد أن هذه المشاعر الأساسية تنشأ من تطور الإنسان وتساعد في تحسين فرصة البقاء. على سبيل المثال، فإن مشاعر الخوف تدفع الشخص للاستجابة السريعة للخطر، ومشاعر الغضب قد تساعد في مواجهة التهديدات، بينما يساعد الفرح في تعزيز الروابط الاجتماعية بين الأفراد.

يعتبر إيكمان أن المشاعر الأساسية تشكل استجابات تطورية، فكل عاطفة من هذه المشاعر لها وظيفة محددة تساعد الفرد على التكيف مع بيئته. هذه النظرية دعمتها دراسات علمية عديدة أثبتت أن هذه المشاعر تظهر عند البشر بغض النظر عن خلفياتهم الثقافية أو البيئية.

المشاعر الأساسية حسب إيكمان

حدد إيكمان ستة مشاعر أساسية تميزها تعبيرات وجهية محددة وعالمية:

  1. السعادة – تتميز بابتسامة وعيون ضيقة.
  2. الحزن – يظهر بتدلي الفم وتقلصات حول العينين.
  3. الغضب – يظهر من خلال عيون مفتوحة على مصراعيها وحاجبين مقوسين إلى الأسفل وفم متضيق.
  4. الخوف – يتسم بفتح العيون بشكل واسع وحواجب مرتفعة وشد الفم.
  5. المفاجأة – تظهر من خلال فتح الفم ورفع الحاجبين وفتح العيون على مصراعيها.
  6. الاشمئزاز – يظهر بتجعد الأنف ورفع الشفة العلوية.

فيما بعد، قام إيكمان بإضافة مشاعر أخرى مثل الإحراج، والرضا، والاحتقار، والفخر، والعار، والإثارة، لكنها لم تحصل على نفس الدعم العالمي كما في المشاعر الستة الأساسية.

الانتقادات لنظرية العاطفة الأساسية

رغم شعبية هذه النظرية، إلا أنها لاقت بعض الانتقادات. يرى بعض الباحثين أن المشاعر قد تتأثر بشكل كبير بالثقافة والتجارب الشخصية، وليس هناك دليل قوي على أن هذه المشاعر بالضرورة عالمية لدى جميع البشر. كما يجادل آخرون بأن تفاعلات المشاعر في الحياة اليومية أكثر تعقيدًا من أن يتم تصنيفها ضمن مجموعة محددة من المشاعر الأساسية فقط. علاوة على ذلك، هناك من يقترح أن المشاعر الأساسية قد تكون نتيجة لتفاعل معرفي معقد بين العقل والجسد، بدلاً من كونها فقط استجابات بيولوجية ثابتة.

الفرق بين المشاعر الأولية والثانوية

أولًا: المشاعر الأولية

المشاعر الأولية هي مشاعر فطرية وسريعة الحدوث، وهي غالبًا عالمية بين جميع البشر، مما يعني أن الناس في مختلف الثقافات يختبرونها ويتعرفون عليها بشكل متشابه. تعتبر هذه المشاعر ردود فعل آنية تجاه الأحداث أو المواقف التي تواجه الإنسان، وتتكون من عدد من المشاعر الأساسية التي حددها بول إيكمان وعلماء آخرون، وتشمل:

  1. السعادة: شعور إيجابي يأتي من تحقيق الأهداف، أو تجربة لحظات مفرحة، أو التواصل مع الآخرين. السعادة تساعد في تعزيز الروابط الاجتماعية وتزيد من جودة الحياة.
  2. الحزن: شعور بالانكسار أو الفقدان، مثل فقدان شخص عزيز أو الفشل في تحقيق هدف مهم. الحزن يمكن أن يساعد الشخص في التعامل مع التحديات والتكيف مع التغييرات.
  3. الخوف: شعور بالقلق أو الخطر، يحدث عند مواجهة موقف يُشعر الإنسان بوجود تهديد أو خطر. يساعد الخوف في حماية الشخص من المخاطر عن طريق تحفيز الهروب أو الاستعداد للدفاع.
  4. الغضب: شعور بالاستياء أو الإحباط الناتج عن الإحساس بالظلم أو الأذى. يمكن أن يساعد الغضب في الدفاع عن النفس أو وضع حدود صحية.
  5. المفاجأة: استجابة لموقف غير متوقع، سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا. تُحفز المفاجأة الشخص للتفكير في الموقف بسرعة واتخاذ القرار المناسب.
  6. الاشمئزاز: شعور بالرفض أو النفور، غالبًا تجاه شيء غير مرغوب فيه أو قد يكون ضارًا. يسهم الاشمئزاز في تجنب الأشياء غير الصحية أو الضارة.

تعتبر هذه المشاعر أساسية لأنها تلعب دورًا رئيسيًا في بقاء الإنسان وتساعده في التعامل مع بيئته بشكل فعال. وقد تكون واضحة وسهلة القراءة من خلال تعبيرات الوجه وسلوكيات الجسد.

ثانيًا: المشاعر الثانوية

المشاعر الثانوية هي مشاعر معقدة ومركبة تتطور نتيجة تفاعل المشاعر الأولية مع التفكير وتفسير الموقف بشكل شخصي. تكون المشاعر الثانوية أكثر تعقيدًا، وقد تختلف من شخص لآخر بناءً على التجربة الشخصية والمعتقدات الثقافية والاجتماعية. تتضمن بعض الأمثلة على المشاعر الثانوية:

  1. الشعور بالذنب: قد ينتج عن مشاعر الغضب أو الحزن، حيث يشعر الشخص بالذنب إذا اعتقد أنه أخطأ أو آذى شخصًا آخر، حتى إذا كان ذلك بشكل غير مقصود.
  2. الخجل: يحدث الخجل عند الشعور بالتعرض للنقد أو الرفض الاجتماعي، وقد يترافق مع مشاعر الخوف من الأحكام الاجتماعية.
  3. الغيرة: هي شعور مركب يتضمن مزيجًا من الخوف والحزن والغضب، وتحدث عندما يشعر الشخص بتهديد تجاه علاقته أو مكانته، خاصةً إذا كان هناك منافس.
  4. الندم: يأتي بعد اتخاذ قرار يشعر الشخص بعده بأنه كان خاطئًا، وقد يكون نتيجة لشعور بالحزن أو الإحباط. يعبر الندم عن وعي شخصي وقدرة على التفكير في الخيارات السابقة.
  5. الشعور بالفخر: هو شعور إيجابي ينتج من الإنجاز أو النجاح، ويكون مزيجًا من السعادة والاعتزاز بالنفس. يمكن أن يعزز الثقة بالنفس.
  6. الامتنان: هو شعور إيجابي ومعقد يتمثل في الشعور بالامتنان أو الشكر تجاه شخص ما أو موقف ما، ويأتي كنتيجة للشعور بالسعادة أو الرضا.

تتطلب المشاعر الثانوية مستوى أعلى من الوعي الذاتي والتحليل النفسي، مما يجعلها أكثر تعقيدًا من المشاعر الأولية. هذه المشاعر غالبًا ما ترتبط بتجارب الحياة الشخصية وتتشكل بمرور الوقت.

تعد المشاعر الثانوية أكثر تعقيدًا في تحليلها وفهمها، حيث يمكن أن تكون مزيجًا من عدة مشاعر أولية تتفاعل معًا لتعكس تجربة شخصية أكثر تفصيلًا.

التمييز بين المشاعر الأولية والمشاعر الثانوية

بناءً على عدة عوامل تساعد في فهم طبيعتها وكيفية ظهورها وتفاعلها مع التفكير والتجربة الشخصية. وفيما يلي أهم النقاط التي تساعد في التمييز بين النوعين:

1. التوقيت ورد الفعل

  • المشاعر الأولية: تظهر بسرعة وتكون رد فعل تلقائي ومباشر تجاه حدث أو موقف. فهي مشاعر فطرية تحدث فورًا عند مواجهة محفز معين، مثل الخوف عند رؤية شيء مخيف.
  • المشاعر الثانوية: تتطلب وقتًا أطول للتطور، حيث تنبثق من تقييم وتفسير الشخص للحدث أو الموقف. على سبيل المثال، يمكن أن يبدأ الشخص بالشعور بالغضب (مشاعر أولية)، ثم يتحول هذا الغضب لاحقًا إلى شعور بالندم (مشاعر ثانوية) بعد التفكير في رد فعله.

2. البساطة مقابل التعقيد

  • المشاعر الأولية: تكون بسيطة ومباشرة ويمكن فهمها بسهولة لأنها مرتبطة بتفاعلات بيولوجية واضحة، مثل الفرح أو الغضب. تعبر عن نفسها من خلال تعبيرات وجه واضحة وسهلة القراءة.
  • المشاعر الثانوية: غالبًا ما تكون مركبة ومعقدة، وتتكون من تداخل مشاعر متعددة، مثل الغيرة التي تتضمن مزيجًا من الخوف والحزن والغضب، أو الفخر الذي يمكن أن يحتوي على مزيج من السعادة والاعتزاز.

3. العالمية مقابل التأثر بالثقافة والتجربة الشخصية

  • المشاعر الأولية: تعتبر عالمية، بمعنى أنها تتواجد لدى جميع البشر بغض النظر عن الثقافة أو البيئة، مثل السعادة والخوف والاشمئزاز. هذه المشاعر تمثل ردود فعل بيولوجية أساسية تساعد في التكيف والبقاء.
  • المشاعر الثانوية: تتأثر بشدة بالخلفيات الثقافية والاجتماعية وبالتجارب الشخصية، مما يجعلها تختلف من شخص لآخر. على سبيل المثال، الشعور بالخجل قد يكون أكثر شيوعًا وتأثيرًا في بعض الثقافات عن غيرها، والشعور بالذنب يعتمد على القيم الشخصية والمعتقدات.

4. العلاقة مع التفكير والتحليل الذاتي

  • المشاعر الأولية: لا تتطلب التفكير أو التحليل؛ فهي تحدث بشكل تلقائي دون الحاجة إلى تفسير واعٍ، مثل الخوف الذي يحدث بشكل تلقائي عند التعرض لتهديد.
  • المشاعر الثانوية: تنبثق من التفكير والتحليل الذاتي وتتطلب مستوى أعلى من الوعي بالنفس. فالشخص قد يبدأ بالشعور بمشاعر أولية مثل السعادة أو الغضب، ثم يقيّم الحدث ويتأمل فيه، مما يؤدي إلى مشاعر ثانوية مثل الندم أو الشعور بالفخر.

5. التعبير عن المشاعر

  • المشاعر الأولية: تُعبر عن نفسها بشكل واضح وسهل من خلال تعبيرات الوجه ولغة الجسد، حيث يمكن للأشخاص الآخرين التعرف على هذه المشاعر بسهولة، مثل رؤية السعادة أو الحزن على وجه الشخص.
  • المشاعر الثانوية: غالبًا ما تكون داخلية وقد لا تُظهر نفسها بسهولة، إذ إنها تعتمد على كيفية تفسير الشخص لحدث معين. فالشخص قد يشعر بالذنب أو الخجل، ولكن قد لا يكون هذا واضحًا لمن حوله.

6. الدور الوظيفي

  • المشاعر الأولية: تلعب دورًا هامًا في البقاء والتكيف، حيث تساعد الإنسان على اتخاذ قرارات سريعة استجابةً لمواقف تهدد حياته أو تعزز صحته، مثل الهرب عند الشعور بالخطر.
  • المشاعر الثانوية: تلعب دورًا في تطوير العلاقات الاجتماعية وبناء الشخصية، حيث تساعد على فهم النفس وتطوير وعي أعمق. مشاعر مثل الشعور بالفخر أو الندم تساهم في النمو الشخصي وتوجيه السلوك بناءً على التجارب السابقة.

مثال توضيحي للفرق بين المشاعر الأولية والثانوية

لنفترض أن شخصًا تعرض للنقد في العمل:

  • المشاعر الأولية: قد يشعر بالغضب على الفور كرد فعل طبيعي على النقد.
  • المشاعر الثانوية: بعد فترة من التفكير، قد يتطور لديه شعور بالخجل إذا شعر أن النقد كان مبررًا أو شعور بالفخر إذا رأى أن ردة فعله كانت ناضجة.

بهذه الطريقة، يمكن التمييز بين المشاعر الأولية التي تحدث كرد فعل سريع وفطري، وبين المشاعر الثانوية التي تتطور بمرور الوقت وتحت تأثير التجارب الشخصية والتفكير الذاتي.

المصادر:

Shouse, Eric (2005). “Feeling, Emotion, Affect.” M/C Journal, 8(6).

Ekman, P. (1992). “An argument for basic emotions.” Cognition & Emotion, 6(3-4), 169-200.

Russell, J. A. (1994). “Is there universal recognition of emotion from facial expression? A review of the cross-cultural studies.” Psychological Bulletin, 115(1), 102-141.

Ekman, P. (1999). “Basic Emotions.” Handbook of Cognition and Emotion.

Ekman, P. (1992). “An argument for basic emotions.” Cognition & Emotion, 6(3-4), 169-200.

Lazarus, R. S. (1991). “Emotion and Adaptation.” Oxford University Press.

حجز موعد استشارة اونلاين مجانية

يمكنك من هنا حجز استشارة اونلاين مجانية مع دكتور مازن

اذا كانت الاستشارة للمرة الاولى ف يمكنكم التواصل من خلال الواتس اب للحجز والاستفسار

Please enable JavaScript in your browser to complete this form.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *