سر الزواج (9)
الخيانة الزوجية ،
السيناريو المعروف هو عندما تبدأ رائحة الخيانة ترتفع في العائلة فيبدأ البحث عن منبع هذه الرائحة النتنة وحينما نكتشف حقيقة الرائحة ننصدم ويبدأ كل شي بالانهيار ونتحول إلى معلمين ندعي الأمانة والتضحية والثقة والصدق وسر الزواج والعائلة والأطفال…. إلخ ونبدأ بإدانة بعضنا البعض بكلمات جارحة كخائن ويجب أن يقاصص الخائن.
ما معنى هذا الكلام، باختصار إذا اكتشفت الزوجة بأن زوجها يخونها فتجعل من نفسها الضحية وهو المجرم وإن اكتشف الزوج بأن زوجته تخونه فيجعل من نفسه الضحية وهي المجرمة. فالضحية تنادي بالأمانة والثقة والتضحية والصدق والعائلة والأطفال ويبدأ بوضع كل اللوم والجرم على الطرف الثاني كي ينال أقصى العقوبات.
لكن دعوني أقف هنا واطرح هذا السؤال الأساسي ،أين كنتما من تلك الكلمات “الأمانة، الثقة ، التضحية وغيرها” قبل الخيانة ؟
وتستمر بعدها سلسلة العقوبات والاهانات بدلاً من أن نضع النقاط على الحروف في أماكنها الصحيحة نبدأ بالبحث عن الطرف الثالث لمعاقبته ايضا على الأقل بالكلمات فهو أو هي الزاني أو الزانية.
هناك مشكلتين مهمتين أريد أن أسلط الضوء عليهما في قضية الخيانة،
أولاً:
في أغلب الأحيان نقف أمام الحدث أي فعل الخيانة و نحاسب بعضنا ، وهناك من ينتظر أن يقع الطرف الآخر في الخيانة كي يُثبت هو أمانته وصدقه ويؤكد لنفسه بأنه كان على حق. يا لها من خيانة !
بكل صراحة المشكلة تقع عندما نضع مفهوم الخيانة فقط في علاقة مع طرف آخر قد تمر بعمل جنسي ، أقولها بوضوح لا ،الخيانة هي قبل كل شي عمل تجاه الإنسان نفسه وليس تجاه إنسان آخر ، فعندما تخون فأنت تخون نفسك قبل زوجك أو زوجتك. هذه الخيانة لا تبدأ فقط حينما نكتشف فعل الخيانة بل قبل هذا بكثير ، يكفي التفكير في شخص آخر أو البحث عن طرق أخرى غريبة خارج الزواج توقعنا في مصيدة المجرب.
ثانياً:
المشكلة الثانية في تعاملنا مع هذه القضية هي في الحقيقة لماذا حصل هذا ؟ أي ما قبل الخيانة.
ولهذا لا نصل إلى حل عندما تقع العائلة في هذه المشكلة لأنهم يبحثون على أدق تفاصيل العلاقة ، ماذا حدث ؟ مع من ؟ كيف التقيتم؟ كم مرة ؟ ما نوع العلاقة ؟ هل مارستوا الجنس ؟ ….إلخ.
أعود إلى ما يذكره الكتاب المقدس، هل تَرك آدم حواء وحدها في جنة عدن، فكانت الفرصة للحية أن تلعب دورها ؟ لا يمكن فقط أن ندين حواء لأنها أكلت من الشجرة ، علينا أن نتساءل أين كنت يا آدم؟
أين كنتما قبل الخيانة ؟ هل كان كل طرف يبحث عن سعادته وحده بعيداً عن الطرف الآخر؟ هل انشغلتما عن بعض ؟
الوقوع في الخيانة هي نتيجة وليس سبب. نتيجة علاقة كانت في يوم من الأيام في أوجه ثمارها وبسبب ما بدأت تلك العلاقة أن تضعف يوم بعد يوم، فكبرت المسافة بين الطرفين ويبدأ المجرب بعمله واغراءاته مثلما فعل بحواء إلى أن يتناول أحد الطرفين طعم الخيانة.
ما هي الإغراءات ؟ انظر إلى داخلك وستجد ما تبحث عنه ،
قد تكون كلمة حب فيقدمها لك المجرب من خلال شخص آخر.
قد تكون الشعور بوجودك فيقدمها لك المجرب من خلال تعليق بالصفحات الاجتماعية
قد تكون الرغبة بالحديث ، فيبعث لك المجرب شخص آخر فتتعلق به
كل هذه الأمور تُضعف العلاقة فنبحث عن طرف آخر ومع الوقت تصبح تلك العلاقة الجديدة أعمق على حساب علاقتك الزوجية فينهار كل شي.
إذن علينا أن نسأل أنفسنا أين كنا ؟ في كثير من الأحيان جوابنا هو جواب آدم “حواء أغرتني” بمعنى الطرف الآخر هو السبب وليس أنا. هذا الجواب أيضاً هو من أكاذيب المجرب فهدفه الوحيد هو كسر العائلة.
أحبائي،
هل هناك حل ؟ هل نستطيع إعادة الثقة ؟ هل نستطيع أن نعيش مع بعض ؟ الجواب هو نعم،
نعم الموضوع ليس سهلاً لكن بالتأكيد نستطيع أن نعيد ونحقق غاية الزواج.
كيف ؟ علينا أولاً أن نعترف بأن المشكلة هي بسبب الطرفين وليس طرف واحد. أن نتعامل مع القضية بروح مملوءة بنعمة الغفران ، نعمة من الله تجعلنا ألا نقف فقط أمام كراهيتنا وحقدنا ورغبتنا بالانتقام بل أن نفتح كياننا من جديد لتحقيق غاية أسمى من أي شيء آخر ٬ غاية كمالها يكمن في وجه يسوع المسيح.
سلام ومحبة
د.مازن نوئيل